العلاقات الليبية الامريكية؟؟؟ ...دراسة ... الجزء الثالث

كتبهاسـعيـد الجهاني ، في 26 أغسطس 2008

ثالثاً : قراءة استشرافية :

-1إن التكيف الذاتي الذي تقوم به ليبيا مع بدايات القرن الحادي والعشرين مع واقع المجتمع الدولي الجديد، يأتي في سياق إعادة القراءة للمتغيرات الدولية . وهو ما قاد (عملياً ) إلى اعتماد سياسة إعادة النظر في البيئة الداخلية لصناعة القرار Internal Set tings of Decision Making إنشاء مجلس الأمن الوطني عام 2006 ) لتستجيب مع التغير الذي طال البيئــة الخارجيــة لصناعــة القــرار External Setting of Decision Making . ولم يكن يرمي هذا المعطى للتكيف وتخفيف التوتر مع الولايات المتحدة الأمريكية (فحسب). بل أن الإدراك بأن الولايات المتحدة الأمريكية تحولت إلى قوة متفردة ومهيمنة (سياسياً ،عسكرياً ، مالياً ، اقتصادياً ) ، وطاغية ، إنما يعكس حقيقة الوعي في تحديد أهداف السياسة الخارجية الليبية الدائمة ( المحافظة على أمن الدولة والمحافظة على كيانها ، ونظامها السياسي وتراثها الحضاري ، والنمط الحياتي للشعب الليبي في إطار القيم ، والمبادئ والمفاهيم التي حددتها اختياراته ). وتحديد أهداف السياسة الخارجية المتغيرة ، وهي التي ترتبط ببعض المواقف، والقضايا، والإشكاليات سواء على المستوى الإقليمي، أم على المستوى العالي وأخيراً ، مراعاة للمواقف الضاغطة الدافعة في اتجاه الأخذ بنمط سلوكي فرضته وقائع مستجدة،وعلى الصعيد الدولي إجمالاً .

كما أن هذا التكيف الذاتي ، وإعادة العلاقات الدبلوماسية الليبية مع الولايات المتحدة الأمريكية جاء في إطار استراتيجية ليبيا في نسق تفاعلية في السياسة الخارجية استهدفت الأطراف قبل المركز. فقد تم إعادة العلاقات الدبلوماسية على مستوى سفارة مع كل من المملكة المتحدة ، واستراليا ،واليابان وكندا ، وجرى تمتين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ،والقبول ( بتحفظ) بمسار برشلونة ،وتفعيل المشاركة في صيغة 5 + 5( قمة تونس ( 2004) وهي أنساق كانت تجري بالتوازي مع فتح باب التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وتطوير العلاقات معها .

-2إن هاجس الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لمنظورها للمنطقة العربية - الإسلامية ( الشرق الأوسط الكبير ) كان دوماً يقوم على سياسة استقرار الأوضاع السياسية ، وتأمين الإمدادات النفطية ، وحماية الدولة العبرية ، ونشر الديموقراطية ، وحقوق الإنسان .

وتعتبر ليبيا ( في الفرضية الأولى) من أكثر الدول استقراراً في الداخل ، وأكثرها سيطرة على المنظمات المتطرفة ، ومن أجرأ الدول على اتخاذ مواقف بناءة على مستوى القرار الخارجي ،( الاتحاد الأفريقي ،التعامل مع الاتحاد الأوروبي في موضوع الهجرة التصدي للإرهاب ،قضية دارفور).

وفي الفرضية الثانية، فإن الحرب على العراق ، والتوتر الدائم مع إيـران، واضطراب الوضع الداخلي في نيجيريا ، وعدم صفاء العلاقات الأمريكية - الفنزويلية وبوادر عدم الاستقرار في الخليج ، وازدياد الطلب العالمي على النفط ، فضلاً عن آليات التعاقد الجديدة التي اعتمدتها ليبيا لاستدراج الشركات النفطية. هي عوامل جعلت من ليبيا باحتياطياتها النفطية الهائلة، وقربها الجغرافي من الأسواق الاستهلاكية ، ونوعية خامها ، تحظى بأولوية في التعامل في سلم استراتيجية مجموعة تكساس،وهي، المجموعة الحاكمة اليوم ، وصاحبة القرار السياسي والاقتصادي في الإدارة الأمريكية . أما فرضية الحماية الأمريكية لإسرائيل ، فإنها لم تشكل لليبيا ضاغطاً مؤثراً ، في سياستها الخارجية ، لعدة اعتبارات ، ومنها …

ان ليبيا ليست دولة جوار جغرافي مع إسرائيل أولاً ، وثانيها ، أن التأييد الذي قدمته ليبيا إلى الفلسطينيين كان داعماً لحركة كفاح مسلح . وتنفيذاً لقرارات المجتمع الدولي ( المنظمات الدولية ) التي كانت ترى في حق تقرير المصير من القواعد الآمرة في القانون الدولي . ولكن بعد اتفاقات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية ، وتخلي منظمة التحرير الفلسطينية ، وفصائل فلسطينية أخرى عن الكفاح المسلح ، وتعديل ميثاق المنظمة (أوسلو 1993 )جعل من الدعم الليبي للكفاح المسلح الفلسطيني يبدو وكأنه خروج عن الشرعية الدولية التي استطاعت أن تقيم خلطاً كبيراً بين المقاومـة والإرهاب وخاصة ب