الكاتب فبراري يكره معمر القذافي أشد الكره له عشرات المقالات عن العقيد الديكتاتور الأن في هذه المقال يوضح كذبة تكفير العقيد فقط لأنها تخدم مصلحته وتهاجم المفتي والإخوان ولمقملين في مقال مهم يستحق القراءة وبمتعن وربما الثوبة عن وصف القذافي بالكافر وطلب العفو والمغفرة من الله سبحانه:
------------------------------
علاقة معمر القذافي بالدين والإسلام السياسي
عمر أبو القاسم الككلي
تُكفر تيارات الإسلام السياسي، وعدد كبير من المشائخ والناس العاديين معمر القذافي. لا نريد أنْ نناقش صواب هذا التكفير أو خطأه، فنحن ضد مبدأ التكفير، جملة وتفصيلاً ومضمونًا وشكلاً، وإنما نود تبيان دوافع مكفّري معمر القذافي.
كان ارتباط معمر القذافي بالدين واضحًا منذ الأسبوع التالي لانقلاب سبتمبر 1969.
فلقد تم منع بيع وتناول وتداول الخمور خلال ذلك الأسبوع، وصدر، في ما بعد قانون يُحدّد العقوبات بالخصوص. وتم إقفال الملاهي الليلية.
كما منع بعد ذلك بفترة قصيرة حظر اشتغال الرجال بمحلات تزيين النساء.
وفي وقت مبكر طرح معمر القذافي العمل بالشريعة الإسلامية وتم تضمين قانون الجنايات الليبي حد الجلد في حالتي الزنا والسُكر.
ومعمر القذافي هو الذي كان وراء إشاعة عبارة "الشكر لله" التي أصبحت تقال ردًا على لفظة "شكرًا" بدلاً من لفظة "العفو".
وهو أيضًا الذي قاد حملة الحوار الإسلامي المسيحي، وأذكر أنه تطرّق، في خطاب بهذه المناسبة، إلى موقفه من حركة الإخوان المسلمين وقال إنه ليس لديه أي خلاف مع الإخوان المسلمين سوى أنهم يعملون من خلال حزب وهو ضد الأحزاب، وأشار إلى تجربة عبدالناصر مع الإخوان المسلمين قائلاً إن الإخوان المسلمين هم الذين بادروا عبدالناصر العداء وحاولوا اغتياله،
وليس العكس.
والدليل على تعامل معمر القذافي بتسامح إزاء الإخوان المسلمين أنّه تم إطلاق سراح المجموعة التي أُلقي عليها القبض منهم وسجنت في سياق ما عُرف بـ"الثورة الثقافية" سنة 1973، رغم اعترافهم بالعمل الحزبي المنظّم،
في حين تم استبقاء المحسوبين على اليسار إضافة إلى مجموعة "حزب التحرير الإسلامي" بسبب رفض المجموعة الأخيرة أي نوع من التفاهم مع معمر القذافي (لم يتم طرح التفاهم مع المحسوبين على اليسار)، وعقب ما كنا نطلق عليها في السجن "أحداث مايو" وتُعرف شعبيًا بـ"أحداث العمارة"، وفي إعلام النظام بـ"الكلاب الضالة" سنة 1984،
نشرت صحيفة الزحف الأخضر مقالاً، يبدو أن كاتبه معمر القذافي، ورد فيه أنَّ التنظيم السياسي الوحيد الذي تم الاتصال به بصفته هذه، رسميًا، من قبل "مجلس قيادة الثورة" وطُلب منه أن يحل نفسه، هو تنظيم الإخوان المسلمين.
وقد ورد هذا لأن تنظيم "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا" الذي كان مسؤولاً عن محاولة اقتحام معسكر باب العزيزية، حصَّن معمر القذافي، والذي كان يقوده د. محمد يوسف المقريف، اعتبر تنظيمًا إخوانيًا.
في عهد معمر القذافي تم، أيضًا، إنشاء جمعية الدعوة الإسلامية التي تولاها لمدة عقود شخص كان من قادة الإخوان المسلمين، هو د. محمد أحمد الشريف،
وكانت بمثابة تنظيم عالمي للإخوان، وتم التوسع في إنشاء المعاهد الدينية وأخذت البرامج الدينية، منذ وقت مبكر عقب 1969، حيزًا واضحًا في الإذاعتين المسموعة والمرئية،
فكان التلفزيون الليبي يبث بشكل منتظم وخلال سنوات، محاضرات ودروس الشيخ الشعراوي وبرامج الدكتور مصطفى محمود التي يستخدم فيها كشوفات العلم الحديث في المجالات المختلفة؛ لإثبات الإعجاز القرآني والإلهي. وحتى أثناء اشتداد الخلافات مع مصر أثناء حقبة السادات كانت إذاعة صوت الوطن العربي تركِّز على بث خطب الشيخ كشك أكثر من حديثها عن المعارضين الوطنيين.
ينبغي أن نذكر أيضًا أن معمر القذافي، منذ سنة 1973، حظر تداول أي فكر ديمقراطي أو عقلاني أو تنويري أو يساري في البلاد تاركًا الساحة مفتوحة في وجه الكتب الدينية غير السياسية، بحيث كانت أكشاك بيع الصحف والمجلات، بالذات منذ أواسط السبعينات، لا توجد بها سوى مجلات "المجالس" و"اليقظة" و"النهضة"،
وهي مجلات كويتية محافظة. في زمن معمر القذافي تم التشجيع على حفظ القرآن وأُجريت مسابقات عديدة بالخصوص وكانت شهادة حفظ القرآن تعادل شهادة الليسانس في الوظيفة العامة.
ومنذ سنة 1977 منع نظام معمر القذافي سفر المرأة دون محرم وظل هذا المنع نافذًا قرابة ربع قرن.
ناهيك عن "المثابة الثورية العالمية" التي كان فيها حضور بارز للتنظيمات الدينية الإسلامية، بما فيها المتطرِّفة منها. وفي حرب أفغانستان كان نظام القذافي يؤيِّد علنًا الحكومة الأفغانية ويدعم في نفس الوقت بعض حركات "المجاهدين" سرًا.
من غير المنطقي القول أنَّ معمر القذافي قام بكل هذا لمجرد الرياء والنفاق وكسب ود الجماهير.
فلماذا إذن هذا العداء باسم الدين لشخص مثل معمر القذافي خدم الدين فعليًا؟!
طفا هذا العداء على السطح منذ سنة 1977.
فما دلالة هذا التاريخ؟
في هذا التاريخ صدر الجزء الثاني من الكتاب الأخضر الذي يعتبر "الركن الاقتصادي" من نظرية معمر القذافي.
وبمقتضى الطرح الوارد في هذا الجزء تم تأميم التجارة والمصانع والمعامل والعقارات، الفعل الذي قضى على مصالح التجار وأصحاب الشركات التجارية وأرباب المصانع والمعامل وملاك العقارات والقطاعات المستفيدة من وجود هذه النشاطات الاقتصادية،
ولم تكن ممكنة محاولة مقاومة هذا التحرُّك إلا من مدخل الدين (صدرت فتوى آنذاك من بعض الشيوخ بعدم جواز صلاة المستأجر في بيت لم يعد عليه أن يدفع إيجاره)
ولم يكن من المعقول اقتصار المدخل الديني على معالجة هذه النقطة وحدها، وإنما كان من الضروري "شيطنة" معمر القذافي شخصيًا، ونظامه ككل، لكسب تعاطف أكبر نسبة مُمْكنة من عموم الشعب.
فصار لابد من البحث عن أي وجه يمكن أن يكون متعارضًا مع الدين في سلوك معمر القذافي وطبيعة ممارساته السياسية.
أما كل ما حدث قبل هذا التاريخ من مصادرة للحريات، الفردية والعامة، ومصادرة الفكر وحرية الرأي ومطاردة وتهميش المثقّفين واعتقال غير المحسوبين على تيارات الإسلام السياسي، فلم يكن أمرًا يجيز الاعتراض من وجهة نظر الدين والتشكيك في عقيدة معمر القذافي.
وإذن، لم تكن المعارضة الإسلامية لمعمر القذافي حول شؤون الدين، وإنما كانت متعلِّقة بأمور الدنيا.
اضغط لمشاهدة المصدر